مؤسسة طابة تنظم ندوة لمحاضر من جامعة ييل حول كتاب الإمام الغزالي: تهافت الفلاسفة
ضمن إطار مبادراتها البحثية والفكرية وإتاحة مساحات من التواصل الأكاديمي والثقافي، عقدت مؤسسة طابة مساء أمس ندوة فكرية تحت عنوان: «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي وحضوره في البحث الفلسفي عند علماء الأشاعرة والماتريدية، للدكتور إرِك فان لِت، المحاضر بقسم الدراسات الدينية بجامعة ييل الأمريكية والباحث الزائر بمعهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان.
تطرق المحاضر لبعض الأفكار السائدة في دوائر علمية في الشرق والغرب بخصوص كتاب «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي، موضحًا أنّ الإمام أبا حامد الغزالي على عكس الشائع لم يكن في مقصوده من هذا التأليف هدم الفلسفة أو القضاء عليها، بل أراد إحياء النقاش الفلسفي بطريق النقد والبحث في أخطر قضاياه. كما أظهر المحاضر أنّ كتاب «تهافت الفلاسفة»، على خلاف الشائع كذلك، حاز على اهتمام علماء الكلام الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة والجماعة. ولكنه نبه في حديثه على خطورة حصر الإسهامات الفكرية لمتكلمي الأشاعرة والماتريدية في نطاق علم الكلام، بل أكّد أنّ لهم كتابات فلسفية هائلة، وأنه لا ينبغي أن تصنف مؤلفاتهم بحسب انتمائهم الفكري في البحث الإسلامي الداخلي، وإنما تعتبر من البحث الفلسفي المتعالي على الخلافات الداخلية بين المدارس الكلامية.
وأيضًا من أبرز ما جاء في محاضرة الدكتور فان لِت أن الكتابات التراثية المتأخرة اشتملت على طرح فلسفي عميق جدير بالإحياء والدراسة. وقد تعرض في حديثه إلى أسباب غفلة المؤرخين للفلسفة الإسلامية من الشرقيين والغربيين عن الدور الكبير الذي قامت به المدارس الشرعية في إنتاج تراث زاخر وفريد من الشروح والحواشي والتعليقات من شأنه أن يساهم في الإجابة عن أسئلة فلسفية عويصة. ومما يلفت الانتباه أن الدراسات المقارنة التي قام بها الدكتور فان لِت بين الكتابات التي أُلفت في خدمة «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي احتوت على ملاحظة دقيقة للتباينات الطفيفة بين عبارات كل كتاب ودلالة ذلك على تنوع أساليب المؤلفين ومناهجهم.
أدار الحوار بهذه الندوة الأستاذ الباحث أحمد حسين الأزهري، المسؤول عن إحدى المبادرات بمؤسسة طابة، والذي أبرز في حديثه النقاط الرئيسة والمحورية التي تعرض لها الدكتور فان لِت في محاضرته. كما شارك الأستاذ أحمد الأزهري المحاضر التعليق على بعض الأسئلة التي طرحها الحضور. ومن أهم ما جاء فيها الالتفات إلى جوانب الاتفاق والافتراق بين الشرق والغرب في مفهوم الأصالة والإبداع، والتركيز على قيمة التراكم في الإنتاج المعرفي، والتنبيه على أدوات البحث التراثي المعاصر التي تشتمل على استعمال التطبيقات الرياضية والتكنولوجية في تحليل النصوص القديمة. وأشار إلى أن البحث التراثي يتطلب القدرة على تشريح النصوص وتحليل عناصرها بالنظر إلى البناء التنظيمي للمؤلفات التي تحتويها وكذلك بالنظر إلى المصادر التي اعتمدت عليها.
هذا وقد شهدت المحاضرة حضور فضيلة الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والأستاذ الباحث مصطفى ثابت من إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء أيضًا، والدكتورة سونيا لطفي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ محمود مرسي باحث الماجستير بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ علاء عبد الحميد مدرس الفقه الحنفي والعقيدة بعدد من المراكز التعليمية، والدكتورة أميرة مخلوف المحاضرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والأستاذ شريف جمال سالم الباحث بالجامعة الأمريكية أيضًا، ومجموعة من الدارسين بجامعة القاهرة وجامعة الأزهر.